هل ستنجح مبادرات تطويق الخلاف بين الحليفين في صنعاء..؟ وما هي الرسالة التي يريد صالح توجيهها للداخل والخارج..؟ ولماذا المفاوضات المقبلة في الكويت وليس مسقط؟
25 مارس، 2016
1٬217 13 دقائق
يمنات – رأي اليوم
بعد تقارير صحافة “مسربة” في معظمها من قبل حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في الاعلام السعودي حول مرضه وتدهور حالته الصحية، او اخرى تتحدث عن رغبته في مغادرة اليمن الى لجوء آمن في الخارج، خرج الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على قناة “اليمن اليوم” الناطقه باسم حزب المؤتمر الذي يتزعمه حاثا انصاره على النزول الى ميدان السبعين في العاصمة صباح (السبت) للتعبير عن “رفض العدوان والتدخل الخارجي وتقسيم اليمن”، واكد انه “يجنح للسلم وليس للاستسلام” وقال “سنقاوم بشتى الوسائل”، نافيا انه متحالف مع ايران، وقال “لو عرض علينا هذا التحالف لقبلناه ولكنه لم يعرض”، وكأنه يقول لايران في رسالة واضحة، انه مستعد للتحالف معها بقوة، ويطرح نفسه كبديل للتيار الحوثي الذي دخل في مفاوضات مع خصمها السعودي، وبدأ يبتعد عنها، اي ايران.
اللافت ان هذا الخطاب “المتلفز″، (مساء الاربعاء الماضي) جاء قبل ايام معدودة من حديث المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ عن التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار ليلة العاشر من الشهر المقبل، على ان يتبع ذلك بدء محادثات بين الاطراف اليمنية والمتصارعة في الكويت يوم 18 نيسان (ابريل) اي بعد اسبوع من الهدنة.
الغريب ان مظاهرة انصار الرئيس صالح صباح يوم غد السبت تتزامن مع مظاهرة اخرى لحركة “انصار الله” الحوثية مساء اليوم نفسه، في مكان آخر مجاور في العاصمة صنعاء، الامر الذي أثار العديد من علامات الاستفهام حول طبيعة التحالف بين الجانبين في الوقت الراهن، وخل ما زال متماسكا؟ حتى ان مصدرا يمنيا كبيرا قال لـ”راي اليوم” انها “حرب مظاهرات” بين الحليفين اراد كل طرف ان يؤكد من خلالها قوته وحجم شعبيته، خاصة بعد ورود تقارير اخبارية تشير الى ان السعودية بفتحها حوار سري مع الحوثيين في ابها والرياض تمخض عن تفاهمات بتهدئة الاوضاع على حدود البلدين، نجحت في دق اسفين الخلاف بين الحليفين الحوثي والصالحي في الحرب ضدها.
مصدر كبير في قيادة حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس صالح قال في اتصال هاتفي اجرته معه “راي اليوم” حيث يتواجد في مسقط، ان هذه المظاهرة لانصار الحزب، التي تعتبر الاولى منذ خمس سنوات تقريبا، هي رسالة مزدوجة، الشق الاول منها موجه الى السعودية والرئيس هادي في الرياض تقول ان “حزب المؤتمر” موحد وقوي ويحظى بشعبية كبيرة ولا صحة لكل “تسريباتكم” عن انشقاقات في صفوفه، والشق الثاني موجه الى الحوثيين تقول مفرداته لهم وبكل وضوح ان حزب المؤتمر ملتف حول الرئيس صالح وقيادته، وان التحالف معهم كان لصد العدوان على اليمن، وان هناك وجهة نظر مختلفة له عن وجهة نظرهم حول كيفية بناء الدولة ومؤسساتها وتوجهاتها وادارتها، اي نحن حلفاء في الحرب ضد العدوان الخارجي، ولكننا لسنا كذلك في كيفية التعاطي مع الملفات الداخلية، او معظمها.
من الواضح، ورغم كل محاولات النفي، ان الخلافات بين الحليفين الصالحي والحوثي موجودة، وبدأت تطفو على السطح، منذ انخراط الطرف الثاني في الحوار مع السعودية، وان ترتيب مطاهرتين في اليوم نفسه من قبل الطرفين هو ابرز انعكاس لها، لكن هناك محاولات تجرى حاليا ومنذ اسبوعين تقريبا لتطويق هذه الخلافات او معظمها، وانعكس ذلك بوضوح في عودة التنسيق العسكري بين الجانبين في عدة جبهات، مما ادى الى استعادة العديد من المواقع التي خسرها التحالف “الحوثي الصالحي” في تعز لمصلحة قوات التحالف السعودي.
محاولات تطويق الخلافات المتسارعة ستنعكس ايضا في مظاهرات السبت، فقد علمت “راي اليوم” ان السيد صالح الصماد رئيس اللجنة السياسية في حركة “انصار الله” سيلقي خطابا في مظاهرة حزب المؤتمر الصباحية، وسيرد على هذه المبادرة السيد عارف الزوكا، امين عام حزب المؤتمر بالقاء كلمة حزبه في مظاهرة “انصار الله” المسائية.
هذه اللفتات التضامنية ذات الطابع السياسي بدأت تعطي نتائج ايجابية، لكن التحدي الاصعب للجانبين وتحالفهما ربما يظهر في مدى التزامهما بوقف اطلاق النار اولا، والتنسيق بين مواقفهما في مفاوضات الكويت الاممية يوم 18 نيسان (ابريل) المقبل، والامر كله يعتمد على حجم التنازلات وطبيعة التفاهمات التي اليها المفاوضون الحوثيون مع السعودية، والحصة التي يمكن ان يحصل عليها “حزب المؤتمر” في اي ترتيبات مستقبلية للحكم والمجلس الرئاسي المقترح، وبعد ذلك شكل الحكومة ورئاستها وتوزيع حقائبها، وهي مسائل في قمة التعقيد.
من الواضح ان السعودية، ومثلما اكد لنا مصدر يمني مستقل، ستواصل محاولاتها لتأجيج الخلافات بين التيار الحوثي وحزب المؤتمر برئاسة صالح، لاضعافهما بعد دخول “عاصفة الحزم” عامها الثاني دون تحقيق النتائج التي انطلقت من اجلها، وبين الكويت وسلطنة عمان في الوقت نفسه، فنقل المفاوضات من مسقط الى الكويت هو رسالة احتجاج غير مباشرة موجه الى السلطنة بسبب اتخاذها موقفا حياديا تجاه الصراع السعودي الايراني، ورفضها المشاركة، على غرار الكويت ودول خليجية اخرى، في التحالف العربي الذي يخوض الحرب في اليمن وبقيادتها.
الانظار كلها ستتوجه اليوم، سواء داخل اليمن او خارجه، الى مظاهرات السبت، الصباحية والمسائية معا، لانها ستحدد طبيعة “مزاج” الشارع اليمني ومدى قوة وشعبية الطرفين اللذين دعيا اليها في الشارع، وعلى ضوء ذلك قد تتغير ملامح الخريطة السياسية وحجم القوى على الارض، ومدى نجاح المفاوضات المقبلة او فشلها، علاوة على نوعية الحل السياسي الذي يمكن ان تتمخض عنه في حالة استمرارها، هذا اذا استمرت.. ولحينها لكل حادث حديث.